الإسلام السياسي هو صناعة رأي عام إسلامي قوي ومؤثر، وليس صناعة انقلابات، وهدف الإسلام السياسي هو أن يصبح الرأي العام الإسلامي قويًّا؛ بحيث يصبح موجِّهًا للحاكم في جميع قراراته. واليهود يفعلون هذا في (أمريكا )؛ فهم لا يحاولون إسقاط أحد من الرؤساء، وإنما يكتفون بتشكيل جماعات ضَغْط (لوبي ) في الكونجرس، وفي الصحافة، وفي الإذاعة، وفي التلفزيون؛ ليَكون لهم تأثير على الرأي العام؛ وبالتالي يؤثرون على الحاكم، أيًا كان ذلك الحاكم. ولا يوجَد حاكم لا يَحسِب للرأي العام ألف حساب، وكان خطأ الحركات الإسلامية في الماضي، أنها حاولت ضَرْب الحاكم، وقَلْب نظامه؛ فدَخلوا السجون بدلًا من أن يدخلوا البرلمان، وقد أخطئوا بذلك مرتين، أخطئوا في حق الحاكم، وأخطأوا في حق الإسلام؛ فالإسلام سلاحه الإقناع وليس الإرهاب، أمَّا الإرهاب؛ فهو شيء آخر غير الإسلام، شيء اسمه (الجريمة ).
يجب أن يَفهم كل مسلم أين يقف اليوم؟ ومع مَن؟ وضد مَن؟ وسوف يخسر المسلم كثيرًا إذا وقف ضد الديمقراطية، بل سوف يَخسر دِينه، وسوف يخسر نفسه، والحقيقة أنَّ الديمقراطية هي ديانتنا، وقد سبقناهم إليها منذ أيام (نوح ) - عليه السلام - ، الذي ظل يدعو قومه بالحسنى، على مدى تسعمائة سنة من عُمره، ولا قوة له ولا سلاح إلا الرأي والحجة، وكان يدعوهم بالكلمة في برلمان مفتوح، بينما هم كانوا يسخرون منه ويهددونه بالرجم.
وحينما خرج النبي (محمد ) - صلى الله عليه وسلم - في آخر سلسلة الأنبياء؛ أمره الله بنفس الشيء: "فمَن شاء فليؤمِن ومَن شاء فليكفر "، وقال له: "إن أنت إلا نذير "، وقال أيضًا: "إنما أنت مُذَكِّر لست عليهم بمسيطر "، وتلك هي الأصول الحقيقية للديمقراطية؛ فإذا قالوا لكم: الديمقراطية لنا نحن؛ فقولوا: بل الديمقراطية لنا، ونحن حَمَلة لوائها، ونحن أولى بها منكم، ولكنهم سوف يَلتفون ليَخرجوا بمكيدة أخرى؛ فيقولوا: إن الإسلام ليس فيه نظرية للحكم، وهنا سوف نقول: تلك فضيلة الإسلام وميزته؛ فلو نصَّ القرآن على نظرية الحكم؛ لسجنتنا هذه النظرية، كما سَجنت الماركسية أتباعها الشيوعيين؛ فماتوا بموتها، والتاريخ بطوله وعرضه وتغيراته المستمرة، لا يمكن اختصاره في نظرية، ولو سجنْته في قالب؛ ما يَلبث أن يخرج منه.
الأفضل أن يكون هناك إطار عام، وتوصيات عامة، ومبادئ عامة للحُكم الأفضل، مثل العدل، والشورى، وحرية التجارة، وحرية الإنتاج، واحترام الملكية الفردية، وقوانين السوق، وكرامة المواطن، وأن يأتي الحكام بالانتخاب، ويخضعوا لدستور متوافَق عليه.
أي عقلية تلك العقلية الأصولية التي تريد أن تعود وتحكم! وهي لا ترى من الدين إلا النقاب والجلباب، واللحية، وحرمة التماثيل، والتصاوير والرسوم، والموسيقى والفنون الجميلة! ثم تُفَضِّل هذه القضايا على جوهر الدين وروحه، وعلى الهدف الذي جاء مِن أَجْله رسولنا (محمد ) - صلى الله عليه وسلم - ، وهو التوحيد والتقوى ومكارم الأخلاق.
ألم تبدأ الخلافة الإسلامية بالترشيح أيام (عمر )؟ ثم بالانتخاب أيام (عليّ )؟ ثم دخلت القوى التي حرّفت مسار الحكم الإسلامي إلى (مُلْك عضوض )، وحكم ديكتاتوري فردي، من أيام الأمويين والعباسيين والفاطميين والصفويين والعثمانيين، وكانت تلك القوى السوداء، هي التعصب للقبيلة، وغير المتعصبين وجدوا في القالب الديكتاتوري مصلحتهم، وفي الحُكم القاهر المطلق حلمهم؛ فاتخذوه شعارًا، والتمَسوا له كل الفتاوى المزيفة والمبررات الكاذبة، ومنذ ذلك التاريخ، ساد حُكْم الفرد بصور وأشكال مختلفة.
إنها إذن فتنة قديمة، والذين نحتوا هذا الإعلام، وحاولوا أن ينشروه بيننا هذه الأيام، هم في واقع الأمر يضحكون علينا، كما فعل الشيوعيون من قَبْل، عندما اخترعوا لأنفسهم مصطلح (التّقدّميين )؛ ليجعلوا لهم منزلة علينا، وليصوروا أنفسهم في صورة أهل التقدّم، كما يفعل أصحابنا الذين زعموا أنهم (أهل الأصول )، ولم يكن في أصول الإسلام هذا التمسك بالأمور السطحية، وإنما أصول الإسلام هي: التوحيد والتقوى ومكارم الأخلاق، والعلم والبر والشورى في الحكم، واحترام حرية المواطن.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان